Saturday, August 22, 2009
بكاء على أطلال
Sunday, August 16, 2009
اغاني المجلة الزراعية
Thursday, August 13, 2009
Back To Blogging....في رثاء مايكل جاكسون - 2
قال الراوية إبن عقوب: بينما نحن جلوس مطأطاين في مجلس العزاء الذي أقامه مرقص "الأشباح" بإستشهاد أبي ميكة اللوسانجلسي، قام عباس هوازن فهتف لا يبالي بأبوذية مدورة:
عَالْوَجّنَة يِشُوبِحْ دَمِعْ شْهَالحَالْ ما أَكْتَرَه
يـــَــمايْكِلْ مِنْ نَهْرَكْ كِلْمَنْ سَاقْيَة إِكْتَـرَى
المُحِبْ يِصْرَخّ يا رَبْ فِجْعنَا نِفْاقِ الدَكْتَرَة
بالوريد السـم و يكول آنه خطيـــــــــــــــة
شرح الأبوذية في أخمص التدوينة
كذا و بلا أي مقدمات او تسلسل منطقي قرر مايكل جاكسون أن يموت فجأة، وأسرّ الإعلام الخطب العظيم إلينا في ليل جَِن، فتلاطمت شياطين الإنس قبل الجن، وإستعظمت شامها و عراقها و إسترجعت عربها و عجمها و ناحت هندها و يابانها و هاجت و ماجت و غلت حتى عجزت و أضجرت، ثم تراشقت الأيام أخبارا عن الأمور المتعلقة بالدفن و جهازه وعلى أي دين كان ذو القفاز بحيازة و السم و القتل و القميص و الحقن ما الى ذلك من حقائر الأمور التي تشير الى عظم منزلة الميت حتى إنشغلت الأحياء بتوافهه وسفاسفه، أما معظمنا فقد إكتفى بتحميّل أغنياته مراجعين ذكريات تخالط حنين إنبعاثها بزوال صاحبها، ثم عدنا بعد ذلك كما كنا على أرائك متكئين وفي الروتين متمرسين متناسين.
و قد مرّت على رحى الدنيا خطوب غير هذه فلم أكتب عنها شيئا هنا رغم فداحتها، لكسل جبلت عليه، ومشقة أجدها في تشكيل عجين الفكر بكلام مفهوم. غير إن الحديث عن أبي ميكة شأن آخر أثرنا به أن نعاود إستفتاح چمبرنا المتواضع هذا، عسى ولعل الله يرزقنا الشفاعة، فيريحنا من هول الضغطة و اليراعة، فنغتدي مع الرسول ساعة، ثم نضاجع حور العين ببشاعة.
فما بين أهل الغناء الذين إستنجدتُ بهم هروبا من وحشة العيش و ملاذا أطمئن بهم لا أرى أحدهم قد نازع أبا ميكة على ذروة سنامه، و إنك لترى الناس في مجالسه وحفلاته تتساقط صرعى كالحمر الوحشية و تصرخ أجمعها بهستيرية خضوع نشوة بعبادتها لذلك المعبود قل أن تجد نظيرها عند غيره ولو وجد لقصر على نيف ضئيل من الحاضرين. فألم تعجب لذلك يوما؟
الشكل المشكل.
وقد كانت ردة فعلي أول ما سمعت بخبر هلاكه : يا رعاك الله أويموت مثل هذا؟ ولم أقل تلك المقولة لعظم هيبته عندي، فقد مر عليَ زمان كثير تقلبت فيه بين أهل الغناء و مذاهبه حتى نسيت أولهم لكثرة أخرهم، ولعلك لن تفهم سبب دهشتي هذه فما مايكل عندك إلا مطرب من المطربين وإن بلغ أصقاع أهل الأسكيمو. فدعني أستسهب في الموضوع.
كدأب أولئك العظماء في صنوف الفنون، فقد كان – تجاوزه الله وغنىّ عليه المليك - غريب الأطوار في حياته العامة، فلو رأيته عند شبابه و هو يتلعثم بصوته الهادئ بخجل و يقهقهه باستحياء كالعذراء في خدرها لما زدت على وصمه بالخنث ولرأيت فيه أمرا غير سويّ ، فما بالك به في أواسط عمره و قد بيّض أديمه و إتخذ الغلمة نديمه، وإذا به يشبه أخته لاتويا جاكسون ( و نحن نورد صورة هذه الفاتنة في بحثنا العلمي هنا للإطلاع ليس إلا.
ما تنتظر العامة من الناس من أمر رجل كهذا إلا الإشمئزاز ثم تحاول تخريجه و تفسيره على ما إعتادت من شذوذ الحياة، فتنسب اليه التهم السهلة المنقادة كاللواط في من لم ينبت لهم شعر الأباط و تلمسهم من مخرج الضراط، فتقتات الرعاع على ذلك و تجتني، وكل ذلك كذب و مين عند العارفين الباصرين طبعا.
متوكلين بالقوي وبمنطق اهل الكلام في الإستدلال نقولها : كلا، ما كان أبو باريس طنطة ولا فرخا، وذلك أمر يعرفه كل من راه يعتلي الخشبة فيفعل غريب الرقص و مذهله، رقصٌ لا أثر فيه لتمايل الخنث و غنج القيان، بل هو متفجر بقوته، مليء الإرادة، مضطرب برغبة السيطرة و التملّك، سريع التعاقب، قاهر مفعم الجبروت ، ما مثله شيء في غرابة نحله و دقيق نقلاته وتنظر مايكل فَتراه الأنسب للمهمة بجسده المنتاسق الرشيق فلا يستحي من أن يتبوا موقع سيد الأقوام ما دام اللحن يضرب وكأنه خلق لهذا فتعجب من إنك اتهمته يوما بالضعف والأنوثة، ذلك الوجه المهيمن المفعّم بالإحاسيس العصبية المتشنجة، المفعم بنشوة من وجد ضالته فأفرط بثقته بنفسه و قد
تفسر النشوة على إنها ضرب من ضروب الإثارة الجنسية، وهذا أمر لا يعيب المغني او المطرب أن يكون فيه، و رقص أبي باريس و كلماته و موضوعاته غالبا ما تتطرق الى الجنس، ولكنها مجرد استطراد فرضته الصنعة، فالجنس عنده لا معنى له، إذ لا سطوة جنسية لديه فلا هو رجل كالرجال و لا هو خنثى كالنساء و هما ربيبا الجنس و لازميه، إنها الموسيقى تلك الرائعة التي جعلته يستثار حتى إنسلخ من قيود الإنسانية فصار ذلك الكائن العجيب الجذاب – كائن لاجنسي فضائي غريب في كل شيء. وهنا قد تفهمني عندما أستعظم موت ذلك المخلوق، فقد بدا و كأنه خرج عن جنس البشر، ولا أتحدث ها هنا عن وجوده الهزيل كبشر في حياته اليومية – بل المخلوق الذي وصفتا لك وهو يسود في مسرحه، وهو بشكل عام كان لديه إحساس أي طاغية بالخلود و العظمة كما أحسبك لحظت في ضخامة إنتاجاته و غلبة المؤثرات المبتكرة في تصويراته و عظيم حشوده (أنظر هذا الجيش لا تحسبه إلا لهتلر أو ستالين) و تلحين أغنياته الفخم، و قد تفهمني أيضا عندما أبوح لك باعتقادي أن شكل مايكل، و خاصة ذلك الذي كان عليه في بداية العقد التسعيني من ذلك القرن، يضفي سحرا الى الساحر، وطرفة الى الغريب – وأجزم إنك لو قلبت النظر في وجهه المبالغ في حدة تقاطيعه وهندسياتها كأنه شخصية قصة مصورة، ثم إرتددت ببصرك الى أي شخص عادي لشعرت بالملل و الرتابة، فمثل ذلك كراحة العين و لذتها بالرسوم المتحركة كخروج عن رتابة الدنيا (أستثني من ذلك شكله في سنينه الأخيرة، حيث أخذت البشاعة منها مأخذا لا يقبل عذرا). و قد أسلفت القول في معنى أن مايكل جاكسون هذا لا معنى لوجوده خارج المسرح، فما هو خارجه إلا بكائن مقرف الشكل غريب التصرفات لا يفهم الحياة إلا كطفل مترف، ولا أحسبني لو تمكنت منه ماشيا في الشارع إلا منهالا عليه بيد تصفع و فم يهزأ وأنا عن ذلك راض لولا تمسكي بمبدأ كل له شأن يغنيه.
موسيقى
وإستمعت الى اغنياته فكانت كما عهدتها، خارجة من رحم الموتاون طبعا ولكن جملها الموسيقية مستقيمة مستدقة في أفضل ما تكون عليه أغاني البوب لأهل الغرب، وكم أطربت لشنف تلك الألحان المنتظمة الهندسة بمنطقية إرسطوطالية ولكني اليوم أعافها ضجرا فلا صبر لي على لحن ليس فيه عشوائية الشرق و إحساسه الذي يتمثل بإختراع إسمه الربع تون. وما تعتقده أنت وأنا أن أي رجل ناجح تجاريا لا بد أن يغني عن حب البلهاء و عصافير تطير في السماء ولكن هنا امر غريب جدا : كثيرا ما يعول على مفاهيم إستغربت ان يطرب عليها الكثير من الناس، طبعا هناك مواضيع تتوقع لنجم عالمي أن يتطرق اليها كحب السلام و العالم و الأرض و ما الى ذلك من مواضيع مملة تطرح في منظمات المجتمع المدني ولكنه غالبا ما يستعمل الوحوش و الخطر و الرعب في ألحانه المتوترة العصبية، بل ان أشهر أغنياته ك"المرعب بإثارة" و "إضرب عن ذلك" و "بلية جن" و "سيء" و "خطير" و "شيطان السرعة" و "المجرم السلس" و "دم على أرض المرقص" جميعها تشترك في كونها تحمل إحساس ذلك الخطر الغامض ، وعندما يؤديها – أزعج الله أعدائه - فإنه لا يقول بل يبصق الكلام بصقا، والنظر في أسمائها وحده كفاية للجاهل. فهل تجد الناس لذة في الخوف و معاني الشر الى ذلك الحد؟ إنه ذوق لا يفترض به أن يكون ذوق العوام في عرفنا ، فإذا وعينا ذلك نكون قد علمنا أن اي حديث عن الخير و السلام لذاتهما مضجر ما دام غير مقرون بوجود الشر على أي وجه و رمز و للأخير لذة مطلوبة عند بني أبي قابيل لا سيما لو كان بلا ضرر كوجوده في أغنية أو فلم ، فضلا عن المتأخر من أغانيه و الذي ينثر فيها جميعا غضبا جما بدون مواراة على الناس والمصورين و حتى محامي الإدعاء عند محاكمته بالتحرش السكسي.
دعاء الإختتام
السلام على الرجل و ليس برجل ، والخنثى و ليس بخنثى ، السلام على الجهبذ المتلاون، السلام على المعذب بالكاميرات ، والمضطرم بأوار دموع المعجبات ، السلام على المتأبدة وحدته ، المسجون بطفولته ، السلام على الرابض ينتظر حتفه المتناقص أنفه ، المرتقص فلا يبالي ما قبله و ما خلفه. السلام على المنجب بلا نكاح، و المجدب بلا سفاح ، السلام عليك يا أبا باريس يا شهير آل جاكسون، السلام عليك و على الأرواح التي إستشفت كينونة غنائك ، و خلبت بدرة أدائك ، اللهم إلعن قيء الإعلام و فحيح ذوات الدرهم و الدينار ، و مُدع زور يبتغي متاع سنت و دولار ، اللهم إلعن جوزيف ابا مايكل عدد ما ضربه و شتمه ، وخدش روحه و آلمه ، اللهم إلعن كونراد موراي. آمين، آمين، و سحائب رحمتك غيث على من أنشا هذا المكان، وأحفظ ملك البلاد [أدخل إسم طاغيتكم هنا] لما تحبه و ترضاه.
شرح نص الأبوذية:
المستهل شطر حزين، و يقول بلغة أهل الجنوب أن الدمع ينهال على وجنتي الخد فيا لسوء الحال، قال القردي: أكتره مصحفة من أكدره، وقال جابر: بل عنى "أكتره" بمعنى الكتر و هو الهم، وهذا قول رديء. الشطر الثاني يريد به "كرى" وليس "إكترى" وهو مشتق من قول عمر بن عبد العزيز: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ، فترك الناس على نهر مورود ، فولي ذلك النهر بعده رجل فلم يستنقص منه شيئا ، ثم ولي ذلك النهر بعد ذلك الرجل رجل آخر ، فكرى منه ساقية ، ثم لم يزل الناس يكرون منه السواقي...اما الثالث و الرابع فهو يعرض لمسألة ما حقن به مايكل جاكسون قبيل موته ببضع ساعات من قبل طبيبه الشخصي كونراد موراي، وحسب مذهبنا فهو الذي قتله لعنة الله عليه، فلا بد لموت العظيم من مؤامرة، ولا بد لنا من خطب نخوض به و ننحب.
Sunday, August 02, 2009
في رثاء مايكل جاكسون
قال مولود إبن عقوبي: بينما نحن نذكر أخباره عليه السلام إحتصرعباس هوازن ثم أنشد مرتجزا بلسان جنوبي غير ذي عوج:
لأشخِّصْ هَمْ دِلِيّلِيْ و كَرّبِيْ لأعيّنه
ولو شِخَصْلي الدهر لأرِمْ سَهْمِيْ لَـعْيّنَه
دإلِحْقِيّ أبُو بَارِيّسْ، جَانِـيتْ يا لِعِيّنَة
مّمَدَدْ ما لِحَقْ حَفلِ اللَنْدَنِيــــــــــــــــة
شرح الأبوذية: قال إبن عقوبي: شطر المستهل بداية تفجيعية كما وردت عادة الأبوذيات ، فيقول إنه سيقوم الآن بكشف الأوراق و تشخيص ما يحزن القلب (الدليل) و سيعاين ذلك الكرب. الشطر الثاني نوع من التمرّد على ظلم الزمان و قساوة الحال و هو ما يرمز له بالأبوذيات عادة ب"الدهر" فيقول لو تجسد الدهر بصورة شخص بشري لرماه بسهم يوديه في عينه، قال سحتوت القردي: لغويا كان يجدر أن يقول (بعينه) ولكن قلبت الباء لاما للضرورة. وهذا الشطر مستلهم من مقتل إمام الشيعة العباس الذي رمته أهل العراق في كربلاء بسهم أصاب عينه و أيضا من بيت المتنبي : ولو برز الزمان إلي شخصا – لخضب شعر مفرقه حسامي. في الشطر الثالث ينتهي الشاعر من المقدمة و يبدأ في الدخول في الموضوع فيتعرض الشاعر الى المصيبة ذاتها فتراه يذكر جانيت جاكسون وهو إستحضار لرمز أخت المقدس و يشيع في الأبوذيات أن يتحدث الشاعر عن المصيبة من وجهة نظر قريب له (كالحديث عن مصيبة الحسين على لسان زينب عند فرقة الشيعة) لاعنا أياها بقسوة فهي مكروهة على مذهبنا أن تتلاحق أمر أبي باريس، وهي كنية الإمام مايكل جاكسون، قال سحتوت القردي: لا تلفظ ياء جانيت عند الإلقاء مراعاة الوزن. و ينتهي بالقفلة التي تصف حالة أبي باريس و كيف خر صريعا على مسافة عدة إيام من حفلات لندن المفترض إحياؤها فياللأسى و الحسرة، ولا يفوتك هنا الجناس اللطيف بين مفردتي (لو شخص) في الشطرين الأول و الثاني فكأن هذان الشطران يؤديان غرض الأبوذية في تطابق اللفظ و تنافر المعنى من كلا رأسيهما. بالإضافة الى الموسيقية في ذكر لفظة "باريس" و نظيرتها التقليدية "لندن" ولكن لأغراض مختلفة و بطريقة غير متوقعة.